يستعد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في قطر لإطلاق البوابة الإلكترونية لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية يوم العاشر من شهر كانون الأول/ ديسمبر 2018 في حفل كبير في مدينة الدوحة عاصمة دولة قطر.
ويعتبر المثقفون وخبراء اللغة العربية هذا الحدث مفصليا في تاريخ المعاجم العربية، وربما العالمية أخذا بعين الاعتبار تاريخ اللغة العربية الطويل، وعراقتها وصعوبة إعداد معجم يؤرخ لألفاظها وتأكيد التواريخ والتحقق من المصادر. لقد جرت محاولات كثيرة لوضع معجم يؤرخ لألفاظ اللغة العربية ومعانيها. وهذه هي المحاولة الأولى التي تنجح في ذلك. ينفرد هذا المعجم برصد ألفاظ اللغة العربية منذ بدايات استعمالها في النقوش والنصوص، وما طرأ عليها من تغيّرات في مبانيها ومعانيها داخل سياقاتها النصية، متتبّعا الخط الزمني لهذا التطور. وبالنظر إلى تاريخ اللغة العربية الطويل وضخامة حجم نصوصها، يجري إنجاز المعجم على مراحل. وستُعرض مواد المرحلة الأولى الممتدة من أقدم نص عربي مُوثَّق إلى نصوص العام 200 للهجرة، والمتضمنة زهاء مئة ألف مدخل معجمي، عبر بوّابة إلكترونية متطورة، تُقدّم عدة أنواع من الخدمات اللغوية والمعجمية والإحصائية غير المسبوقة.
شارك في بناء المعجم المستند إلى أكبر مدونة للغة العربية، ولا يستند إلى أي قاموس قائم، قرابة ثلاث مئة من أساتذة الجامعات والخبراء والعلماء في عدد من الدول العربية، من الأردن والإمارات وتونس والجزائر والسعودية وسوريا والعراق وفلسطين وقطر والكويت ولبنان وليبيا ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن. واستفاد أعضاء الفرق المعجمية من دورات تدريبية وورش عمل عُقدت في الأردن وتونس والجزائر والسعودية وقطر ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن، وفي تركيا أيضا. وتمكّن خبراء المعجم بفضل ذلك من توحيد منهجية العمل وفقا لضوابط الدليل المعياري للمعالجة والتحرير الذي وضعته الهيئة التنفيذية للمعجم، واستيعاب تقنيات استعمال المنصة الحاسوبية للمعالجة المعجمية.
ويتزامن موعد إطلاق معجم الدوحة التاريخي للغة العربية مع عقد الاجتماع الثاني عشر من اجتماعات المجلس العلمي الذي يضم نخبة من كبار علماء العربية. وقد انكبوا خلال تلك الاجتماعات على دراسة عدد من الموضوعات والقضايا كاختيار مصادر المعجم، والمفاضلة بين طبعاتها المختلفة، وتأريخ النصوص وغيرها، وأصدروا بشأنها قرارات علمية شكّلت القاعدة المنهجية لبناء المعجم. وسيتدارس المجلس في اجتماعه المقبل إجراءات الشروع في بناء المرحلة الموالية من المعجم الممتدة حتى العام 500 للهجرة، وما بعدها حتى زمننا الراهن.
وسيلي حفل إطلاق المعجم مؤتمر علمي بعنوان: "المعاجم التاريخية للغات: مقارنات ومقاربات"، تُقدم فيه أبحاث عن المعاجم التاريخية للغات عالمية كالإنكليزية والألمانية والفرنسية، وتتمحور أبحاثه الأخرى حول معجم الدوحة التاريخي للغة العربية في سياق مقارنته مع معاجم عالمية، بحضور أعلام في الصناعة المعجمية الغربية والعربية.
ومن الجدير بالإشارة إلى أن المركز العربي أطلق العمل في مشروع بناء معجم تاريخي للغة العربية في الخامس والعشرين من شهر أيار/ مايو 2013. وحظي المشروع بدعم سخي ورعاية من صاحب السمو أمير دولة قطر. ومنذ ذلك الحين، والعمل جار في عدد من المجالات والمستويات. وكان من أهم نتائجه الاستراتيجية وَضع أساسات المعجم العلمية والمنهجية والتقنية، وتعبيد الطريق أمام الخبراء لبناء أول معجم تاريخي للغة العربية، وفتح آفاق جديدة وواعدة لصناعة معجمية عربية متطورة.