تواصلت يوم الخميس 11 أيّار/مايو 2023 أعمال المؤتمر الدولي المحكّم، معجم الدوحة التاريخي للغة العربية: تحولات المعنى والاستثمار في مجالات اللسانيات التطبيقية، والذي يعقده المعجم على مدى ثلاثة أيام في مدينة مكناس بالمغرب، بالتشارك مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية والمدرسة العليا للأساتذة بجامعة مولاي إسماعيل في مكناس - المغرب، ومختبر الدراسات الأدبية واللسانية والديداكتيكية بجامعة السلطان مولاي سليمان في بني ملال – المغرب.
وقد شهد اليوم الثاني من المؤتمر انعقاد أربع جلسات، تمحورت الأولى والثانية منها حول المصطلح في معجم الدوحة والمعاجم المتخصصة. واستهلّ أعمال اليوم، عبد السلام المسدّي، أستاذ اللسانيات في الجامعة التونسية بتونس، وأمين سر المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، حيث قدم شهادة بعنوان: "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية: محاضر اجتماعات المجلس العلمي (قراءة خاصة جدًا)". تلتها مشاركة عضو المجلس العلمي للمعجم والباحث في المعجمية والمصطلحية، علي القاسمي، حيث تحدث عن "المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي وموقفه من بعض القضايا الاختلافية خاصة المصطلحات". ووضح القاسمي في دراسته بعض الطرائق العلمية الحديثة في الصناعة المعجمية متخذا من "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية" نموذجاً ـ كما تطرقت الدراسة إلى الفروق الصارخة بين النظرية والتطبيق فيما يتعلق بالتطبيق الفعلي المتمثِّل بصناعة المعجم وإكراهاتها.
وتحت هذا المحور العام للجلسة، قدّم محمد محمود احمد محجوب، الخبير بمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية مشاركته تحت عنوان: "من المعـنى إلى المفهــوم، نظـرة في تطوّر المصطلـح النحوي" حيث نظر إلى تطوّر المصطلح النّحويّ من زاويتين؛ زاوية تاريخيّة عامّة، وأخرى معرفيّة خاصّة. تبعتها مشاركة أحمد البايبي، أستاذ اللسانيات بجامعة مولاي إسماعيل، بعنوان: "نحو معجم تاريخي مختصّ للمصطلح الصوتي العربي من خلال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية" والذي اقترح في ورقته نموذجًا لـمعجَم مختصّ خاصّ بالمصطَلَحِ الصّوتِيّ العرَبِيّ انطلاقا من المنجز الذي حقَّقَه معجم الدَّوحة التَّارِيخِيّ للُّغة العربِيَّة.
وتوالت الأوراق المندرجة تحت هذا المحور بمشاركة محمد الدحماني، أستاذ اللسانيات بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بالمغرب بعنوان: "استثمار معجم الدوحة التاريخي في صناعة المعاجم المتخصصة المقومات والصعوبات"، حيث ركّز الدحماني على دراسة نماذج من المداخل الاصطلاحية ووقف على ما تثيره من تساؤلات وإشكالات. وقد خلص إلى نتائج ومقترحات منها ضرورة استثمار معجم الدوحة التاريخي في بناء مشاريع علمية رائدة، ومراجعة تحرير بعض المداخل الاصطلاحية، والتدقيق في مسألة المصطلح المركّب، واستدراك بعض المصطلحات المهملة.
ومشارك في الجلسة أحمد محمد عطية، كبير الباحثين في التراث العربي المخطوط بمركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية بمصر، الذي تحدث عن: "آليات استثمارِ معجم الدوحةِ التّاريخي في صناعة معجم لمصطلحات علم الأنوَاء عند العرب" وهي دراسة في آليات البناء ونقد المنهج. وقد قسم عطية دراسته إلى ثلاثة محاور؛ آلية المعجم التاريخي في جمع مصطلحات علم الأنواء، والمقارنة بين مصطلحات علم الأنواء في المعجم التاريخي وفي مؤلفات علم الأنواء، ونقد المادة المعجمية لألفاظ علم الأنواء من معجم الدوحة التاريخي.
ثم خُتمت الجلسة بمشاركة محمد الهاشمي، أستاذ اللسانيات بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بالمغرب، حيث قدّم بحثًا بعنوان: "معجم الدوحة التاريخي وصناعة المعجم المختص معجم تعليم ألفاظ الحضارة للناطقين بغير العربية نموذجا"، تناول فيه الإشكال المتعلق بكيفية الاستثمار في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها ولأغراض خاصة. وقد خلصت دراسته إلى أن مشروع معجم الدوحة التاريخي للغة العربية يُتيح صناعة معجم تعليمي وفق خصائص الصناعة المعجمية الحديثة.
معجم الدوحة في خدمة النص الديني
افتُتحت الجلسة السادسة من المؤتمر والتي تمحورت حول موضوع "معجم الدوحة التاريخي في خدمة النص الديني" بمشاركة عبد الحميد زاهيد، أستاذ اللغة العربية بجامعة قطر، الذي قدم ورقة بعنوان: "إعادة النظر في تفسير "ضرب" وترجمتها في القرآن الكريم في ضوء معجم الدوحة التاريخي للغة العربية"، وقد هدف في دراسته إلى إعادة النظر في تفسير وترجمة كلمة "واضربوهن" في الآية 34 من سورة النساء. اعتمدت هذه الدراسة في البحث عن معنى وتفسير وترجمة كلمة "واضربوهن"، التي طالما أثارت جدلا واسعًا بين المفسرين، على معجم الدوحة التاريخي، والنظرية الدينية التواصلية، كما اعتمدت على مجموعة من التفاسير القديمة، والمعاصرة.
ثم تناول عبد الرحمن حللي، أستاذ التفسير والدراسات القرآنية بجامعة قطر، في ورقته بعنوان: "مبتكرات القرآن دراسة مقارنة في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية"، التطور الذي أحدثه القرآن الكريم في اللغة العربية على مستويي دلالات الألفاظ أو مبانيها الاشتقاقية، وذلك من خلال إحصاء الألفاظ التي عُدَّ القرآن الكريم أقدم مستعمل لها في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، ومقارنة نماذج منه بما أشار إليه المصنفون الذين اعتنوا بدراسة الكلمات الإسلامية والمصطلحات المحدثة أو التطور الدلالي. وقدم حللي في دراسته تحليلًا نقديًا لها في ضوء الدليل المعياري للمعجم مقارنة مع ما دونه اللغويون أو المفسرون حول المفردات موضوع الدراسة، وختم بإبراز الإضافة والآفاق التي يوفرها معجم الدوحة في درس مبتكرات القرآن، مع جملة من الملاحظات النقدية على طريقة معالجة بعض الألفاظ في المعجم، وبعض التوصيات ذات الصلة.
واستكمالا لمحور المعجم في خدمة النص الديني، شارك عبد الرحمن محجوبي، الباحث في علوم الحديث بورقة عنوانها: "استثمار معجم الدوحة التاريخي للغة العربية في بناء المعجم التاريخي لمصطلحات علم الحديث النبوي". وأوضح أن أهمية بحثه تكمن في أنه يجيب عن كيفية استثمار معجم الدوحة التاريخي للغة العربية لصناعة معجم تاريخي لمصطلحات علم الحديث النبوي، وذلك بتتبع نماذج من مصطلحات علم الحديث التي وردت فيه، ومقارنتها بالموجود في كتب التخصص، ومعاجمه الاصطلاحية، والدراسات المنجزة. وخلصت الدراسة إلى نتائج، أهمها أن معجم الدوحة تجربة ملهمة، وعمل تجديدي بكل المقاييس، وهو غير ملزم بما يمكن أن يلاحظ عليه من طرف الدارسين والمهتمين.
وختُمت الجلسة بمشاركة آمنة عراقي، الأستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس، والتي تناولت موضوع المصطلح الصوفي في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية حيث بحثت عن مدى حضور المصطلح الصوفي وتعريفه في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، بصفته تراثا عربيا إسلاميا منبثقا أساسا من الكتاب والسنة.
التاريخ والتطوّر اللغوي في معجم الدوحة
انعقدت الجلسة الختامية لليوم الثاني بعنوان "التاريخ والتطوّر اللغوي في معجم الدوحة" بمشاركة أربعة باحثين. وبدأ التقديم فيها محمد الوادي، أستاذ التعليم العالي بجامعة مولاي إسماعيل بالمغرب، حيث تحدث عن التطور التاريخي للصوتيّات العربية من الساميّة الأم إلى العربية الفصحى. وتابع التقديم في الجلسة إبراهيم بن مراد، أستاذ العلوم المعجمية بجامعة منوبة بتونس، وقد حملت ورقته العنوان: "مَعاني الألفاظِ المقتَرَضَة بيْن الثّبات والتّحَوّل في معجم الدوحة التاريخي" حيث حلل الظاهرتين – الثباتُ والتّحوّل – وعواملُ وجودهما اعتمادًا على نماذجَ من المقترضات المذكورة في مُعجم الدوحة التاريخي.
أما الآثاري والمؤرخ فلسطيني بجامعة مونستر بألمانيا، محمد مرقطن، فشارك بدراسة حول أصول مصطلحي عرب والعربية، عن طريق دراسة المصطلحين دراسة تأثيلية ودلالية في ضوء معجم الدوحة التاريخي للغة العربية والاكتشافات الأثرية الحديثة.
وقد اختتمت أعمال اليوم الثاني من المؤتمر بمشاركة حسن حمزة، أستاذ ورئيس برنامج اللسانيات والمعجمية العربية بمعهد الدوحة للدراسات العليا بقطر. وقد قدم حمزة ورقة بعنوان: "التأريخ في المصادر الوسيطة: ملاحظات من معجم الدوحة التاريخيّ للُّغة العربيّة"، وسعت ورقته إلى البحث عن قرائن تقوم على التمييز بين أصناف المنقول أوَّلًا، وبين أنواع النقل ثانيًا، وبين المشتقّات ثالثًا.
وسيستكمل المؤتمر أعماله لليوم الثالث يوم الجمعة 12 أيار/مايو 2023، حيث ستعقد جلستان أخيرتان حول "المعنى وبناء المعجم"، و"معجم الدوحة وتعليم العربية للناطقين بغيرها" يشارك فيهما ثمانية باحثين بأوراقهم المحكّمة.