نشر فى:
25/05/2013
بعد سلسلة من الاجتماعات التحضيرية واللقاءات العلمية التي ضمت نخبة من الخبراء اللغويين والمعجميين والحاسوبيين من مختلف الدول العربية - استمرت قرابة السنتين - أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، امس السبت 15 رجب 1334هـ الموافق لـ 25 أيار/ مايو 2013، في فندق الريتز كارلتون، عن إطلاق مشروع "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية"، وذلك بمناسة انعقاد الجلسة الأولى للمجلس العلمي للمعجم والتي ترأسها الدكتور عزمي بشارة مدير المركز العربي قبل أن تنتقل رئاسة الجلسة إلى رئيس المجلس الدكتور رمزي بعلبكي، وبحضور أعضاء المجلس العلمي للمعجم.
يأتي هذا المشروع الحضاري الكبير ليسد فراغًا كبيرًا في تاريخ اللغة العربية، وليمكّن الأمة العربية وأجيالها المتعاقبة من فهم لغتها وتراثها الفكري والعلمي والحضاري، وربط حاضرها بماضيها إسهامًا في إخراجها من وهدة التردي والتبعية وإيذانًا بمستقبلٍ واعد. وقد تبنّى المشروع سمو ولي عهد دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالدعم والرعاية والتمويل.
يستغرق إعداد المعجم التاريخي المنشود، الذي يؤرخ لألفاظ اللغة العربية على مدى عشرين قرنًا، قرابة 15 سنة، وذلك على مراحل يجري عرض إنجازاتها كل ثلاث سنوات. ويسعى المعجم لتحقيق عدد من الأهداف الكبرى، أهمها: تمكين الباحثين من إعداد الدراسات والأبحاث المتعلقة بتقييم تراثنا الفكري والعلمي في ضوء ما يقدّمه المعجم من معطيات جديدة، واستثمار مدونته الإلكترونية الشاملة في بناء عدد من البرامج الحاسوبية الخاصة بالمعالجة الآلية للغة العربية مثل: الترجمة الآلية، والإملاء الآلي، والمدققات النحوية، والمحللات الصرفية والنحوية والدلالية. كما سيوفِّر المشروع عددًا من المعاجم الفرعية التي تفتقر إليها المكتبة العربية مثل: معجم ألفاظ الحضارة، ومعاجم مصطلحات العلوم، والمعجم الشامل للغة العربية المعاصرة، والمعاجم اللغوية التعليمية.
وقد أكَّد الدكتور عزمي بشارة في كلمته بهذه المناسبة أهمية مشروع المعجم التاريخي باعتباره حلم أجيال من اللغويين والخبراء العرب، وحتى المستشرقين، وأشار إلى ما أُنجز حتى اللحظة في مرحلة التحضير للمعجم، معتبرًا أنّ هذه المناسبة تاريخية بامتياز، وأنّ المشروع عربيٌ وليس مشروع دولة، وأنّه مشروع نهضوي مؤسس على اللغة العربية من أجل تمكين هذه اللغة من التطور على هدي من التاريخ، وفهم تاريخ الألفاظ العربية ودلالاتها. إنّ أمة بهذا الامتداد التاريخي والحضاري من العيب ألا يكون لها معجم تاريخي، وإذا كانت البداية نصف العمل، فإنّ استكمال خطوات إنجاز المشروع واجبٌ في ظل هذا الحضور المتميز من العلماء والخبراء من مختلف الدول العربية، وذلك في إطار تمثيل عربي شامل وليس على أساس قطري؛ إذ إنّ كل واحد من هؤلاء العلماء يساهم في إنجاز هذا المشروع بصفته العربية وليس ممثلًا لبلده.
كما أشار الدكتور رمزي بعلبكي رئيس المجلس العلمي إلى الجدية التي طبعت الانطلاق، والمنجزات التي تحققت وتبشر بخير كبير، وقد أورد في كلمته مجموعة من العوامل التي ساعدت على تحقيق هذه المنجزات، وتتلخص في ثلاثة عناصر:
- العنصر الأول: يتمثل في المحرك الأساسي للمشروع الدكتور عزمي بشارة الذي يقوده بعزم وثقة.
- العنصر الثاني: يتمثل في فريق العمل الذي كان وراء الفكرة، والمتمثل في فريق إدارة المشروع من الناحيتين التنفيذية والتقنية.
- العنصر الثالث: يتمثل في السادة العلماء والخبراء العرب الذين جرى انتقاؤهم وفق الكفاءة العلمية والخبرة الميدانية.
كما أشار إلى أنّ التمويل يمثل العصب الأساسي لإنجاز المشروع، وقد تكفلت دولة قطر برعاية هذا المشروع ودعمه في إطار دعمها للهوية العربية وتعزيز روح الانتماء للأمة، ممثلة في سمو ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله.
وقدم الدكتور عز الدين البوشيخي، المدير التنفيذي للمشروع، في كلمته تعريفًا بالمعجم التاريخي للغة العربية، وبيّن أهميته وجدواه ومراحل إنجازه، مذكرًا أنّ بناء معجم تاريخي للغة العربية هو بناء ذاكرة الأمة اللغوية، وأنّ بناء الذاكرة اللغوية هو - في الوقت ذاته - بناء الذاكرة الفكرية. وبتوثيق الذاكرة تاريخيًا، يتيسر رصدُ التطورات اللغوية والفكرية التي مرت بها الأمة العربية على مدى عشرين قرنًا. ويتيح ذلك الرصد فهمَ تراثنا الفكري والعلمي بدلالات ألفاظه ومفاهيم مصطلحاته التي استُعملت بها في سياقاتها التاريخية والثقافية. وأكد أننا حقًا سنعرف أنفسنا بإنجاز هذا المعجم، كما لم نعرفْها من قبل. وختم كلمته بشكر أولي العزم من أهل العلم، وفي مقدمهم الدكتور عزمي بشارة، الذي سيذكر له التاريخ فضل هذا المعجم. كما نوه بدعم سمو ولي عهد دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، معتبرًا أن اسم معجم الدوحة التاريخي للغة العربية هو وفاء وعرفان وتقدير لهذا الدعم.
وقد تخلل هذا الحفل إطلاق صفحة المعجم الإلكترونية المؤقتة على الموقع الرسمي للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على الإنترنت، على الرابط http://www.dohainstitute.org/dohadictionary
ثم شرع المجلس العلمي في مناقشة خطة العمل وبنية المشروع التي أعدها الخبراء والفريق العامل فيه.