انطلقت اليوم الثلاثاء، 10 أيار/ مايو 2022، في الدوحة أعمال المؤتمر الدولي الثالث الذي يقيمه معجم الدوحة التاريخي للغة العربية بالتشارك مع برنامج اللسانيات والمعجمية العربية في معهد الدوحة للدراسات العليا بعنوان "معجم الدوحة التاريخي للّغة العربية وأبعاده العلمية والحضارية"، وسط حضور مميّز لأكاديميين ومهتمين بالعلوم اللسانية والمعجمية العربية، ومشاركين بارزين من دول عربية وأجنبية مختلفة.
البوشيخي: معجم الدوحة قاعدة بيانات أساسية لا يمكن تجاوزه لفهم لغتنا العربية وحضارتنا وإرثنا المعرفي
افتتح المؤتمر الدكتور عز الدين البوشيخي، المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، بكلمة رحَّب فيها بالمشاركين والحضور، ومؤكدًا فيها على دور المعجم التاريخي الحضاري والعلمي الذي يشكّل بقاعدته من النصوص العربية خلاصة خالصة لما في نصوص العربية من الألفاظ والمعاني مبسوطة في سياقاتها التاريخية المتوالية، وبذلك يصير معجم الدوحة قاعدة بيانات أساسية ومدخلًا لا يمكن تجاوزه لفهم لغتنا العربية نسقًا واستعمالًا، ولمراجعة أوصافها النحوية والبلاغية، ولفهم تراثنا المعرفي والعلمي وكيفية تطور المعارف والعلوم والفنون، وهو ما أثبتته، بحسب تعبيره، الأبحاث التي وصلت بعد إطلاق دعوة المؤتمر بهذا العنوان، "فقد متحت الأبحاث المقدمة للمؤتمر من معجم الدوحة التاريخي معطياتها لرسم ملامح تبلور النسق الفكري في الحضارة العربية الإسلامية ونشأة المصطلحات العلمية فيها وتطورها، ولتسليط الضوء على الأصول الحضارية لبعض الألفاظ العربية وعمقها التاريخي ونظائرها في اللغات السامية، ولإعادة بناء مشاهد الحضارة العربية انطلاقًا من حقول دلالية ومفهومية".
وأكّد البوشيخي أيضًا على أهمية استمرار هذا النوع من الأبحاث وتطويرها، مستغلًا المناسبة للإعلان عن مجلة كلمات ودلالات التي يستعد معجم الدوحة التاريخي للغة العربية لإصدارها بالتعاون مع معهد الدوحة للدراسات العليا، وهي مجلة تهتمّ بهذا الصنف من الأبحاث وكذا الأبحاث التي تتناول بالدراسة من زوايا علمية مختلفة مواد المعجم المنشورة.
بشارة: نريد المعجم التاريخي مصدرًا مفتوحًا من باب ديمقراطية المعرفة
أكّد الدكتور عزمي بشارة، المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ورئيس مجلس أمناء معهد الدوحة للدراسات العليا، في كلمته الافتتاحية، على الغاية من تأسيس معجم الدوحة التاريخي للغة العربية التي ليست تعريف العرب إلى تاريخ كلمات لغتهم، وجمع المدوّنة العربية المكتوبة وترتيبها زمانيًّا فحسب؛ بل أن يكون المعجم مصدرًا للباحثين في كل ما يتعلّق بالعلاقة بين اللفظ والدلالة والسياق التاريخي، المتمثلة في فتح مداخل جديدة للباحثين وتقديم العون لهم في مجالات اهتماماتهم المختلفة، ولا سيما تلك المتعلقة مباشرة بقضايا اللغة واللسانيات أو المتعلقة بالحضارة والتاريخ العربيّين.
وأكد بشارة على أن معجم الدوحة هو صاحب السبق في وضع عمل المعجم وخطته ومنهجه وتأليف منهجه الرئيس وإطلاقه، مشيرًا إلى انتهائهم منه بالفعل، وألمح إلى أن المعجم بصدد نشر محاضر المجلس العلمي، ليس بوصفها شهادة ميلاد تاريخية للمعجم فحسب، ولكن أيضًا لأن مداولاته ذاتها تصلح مصدرًا للدراسات المعجمية. وأشار بشارة إلى ضرورة التريث في مسألة إصدار المعجم مطبوعًا لأسباب أساسية ذكرها، منها "أنّنا نُريد المعجم التاريخي مصدرًا مفتوحًا، أو ما يُسمى بالإنكليزية Open Source، من باب ديمقراطية المعرفة. وثانيًا، لا توجد نقطة زمنية قريبة يمكن فيها القول باقتناعٍ تامٍّ أنّ العمل تمَّ واكتمل بما يكفي لإصدار طبعته الأولى (بغضّ النظر حاليًّا عن حجمها). فمثلًا، سبق، أن تحدّثنا كثيرًا عن مشكلات المدونة العربية منذ أول نص حتى القرن الثاني للهجرة. أقصد تلك المتعلقة بتأريخ الوفيات، وموثوقية بعض النصوص، وما نكتشفه من حينٍ إلى آخر من أخطاء في هذا الخصوص، وظهور معلومات كانت مجهولة، وأخرى حسبنا أنها صحيحة وتبيّن أنها مغلوطة. وثالثًا، أننا ما زلنا نتطلع إلى مشاركة المثقفين العرب ممن يتمتعون باطّلاع لغوي وتاريخي واسع في عملية التأليف، وذلك بإرسال الاقتراحات والملاحظات العينية بشأن ما ذكره المعجم وما أغفله.
وفي نهاية كلمته، شدّد بشارة على ضرورة الاستعانة بجهود كبيرة قامت بها مؤسسات عربية كثيرة، وخاصة في موضوع المصطلح، ذكر منها مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومجمع اللغة العربية بدمشق، ومجمع اللغة العربية الأردني، والهيئة العربية للتعريب في السودان، ومكتب تنسيق التعريب في المغرب، ومعهد الدراسات والأبحاث للتعريب في الرباط، والمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية. وبيّن بشارة أنه جرى قطع شوط مهم "في إعداد المعجم، والأصح أن يقال تأليفه؛ فهو في الحقيقة عملية تأليفٍ لمعجمٍ من نوع خاص يؤرخ لألفاظ اللغة ودلالاتها". ويأمل بشارة أن ينتهي العمل على المرحلة الثانية خلال ما لا يزيد على ثلاثة إلى أربعة أشهر. وأوضح أنه سيستمر "العمل على نحوٍ حثيث، ولكن متأنٍ ومدروس، في مراجعة ما أنجز، ومن ثمّ مواصلة التأريخ لتطوّر دلالات الألفاظ ونشوء الألفاظ الجديدة من القرن الخامس الهجري حتى زمن الناس هذا".
التجارب المعجمية
عُقدت في اليوم الأول من المؤتمر أربع جلسات قدّم فيها المشاركون خمس عشرة ورقة علمية تناولت مواضيع تتمحور حول التجارب المعجمية، والنظائر السّامية والتأثيل في المعجم، والمعجم والدلالة، والمعجم والقضايا اللسانية.
وشارك في الجلسة الأولى التي أدارها عبد الوهاب الأفندي، رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا، ثلاثة باحثين. سلّطت نرجس باديس في ورقتها بعنوان "القيمة الاختبارية لمعجم الدوحة التاريخي: التحوّل الدلالي من المعنى الحرفي إلى المعنى المجازي نموذجًا"، الضوء على علاقة المعنى الحرفي بالمعنى المجازي، مختبرةً مدى نجاعة المقاربة العرفانية في تفسير الدلالة الاستعارية اعتمادًا على التحول من علاقة التشبيه إلى علاقة الإسقاط، مع الاستعارة التصوّرية انطلاقًا من المادة التي يوفرها معجم الدوحة ومدونته الحديثة.
في حين تناول عبد الغني أبو العزم، في ورقته بعنوان "التجربة المعجماتية الفرنسية في تأليف المعاجم التأثيلية التاريخية"، التجربة المعجماتية الفرنسية في ضوء المعاجم التأثيلية المتداولة، منها: "المعجم التأثيلي للغة الفرنسية"، و"معجم واتربورغ"، و"المعجم التأثيلي والتاريخي للغة الفرنسية"، إضافة إلى معاجم إيتيمولوجية أخرى منها: "المعجم الإيتيمولوجي والتاريخي للغة الفرنسية"، و"المعجم الإيتيمولوجي للغة الفرنسية"، و"ليتري إيتيمولوجي"، و"رحلة الكلمات"، و"معجم المفردات الفرنسية من أصل عربي"، وقارنت الورقة بينها وكيفية الوصول إلى تأثيل مفرداتها لاستخلاص منهجياتها وصيغ أشكالها ودلالاتها وتطورها التاريخي، وتطرقت إلى الكيفية التي جرت بها معالجة المفردات والمصطلحات العربية الواردة في متونها، وبالأخص ما يتعلق بالمفردات الفرنسية ذات الأصول العربية.
أما حسن حمزة، رئيس برنامج اللسانيات والمعجمية العربية بمعهد الدوحة للدراسات العليا وعضو المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، فقدّم ورقة بعنوان "فصل المقال بين البقّال والبدّال: بحث في تاريخية المعجم التاريخي العربي"، تناول فيها تعريفات البقّال والبدّال في المعاجم العربية القديمة والحديثة، متسائلًا عن الأبعاد الحضارية فيها في معجمَي الدوحة والشارقة، اعتمادًا على ما تقدّمه النصوص من معطيات.
النظائر السامية والتأثيل في المعجم: الاقتراض المعجمي والألفاظ الأعجمية
تناولت الجلسة الثانية النظائر السّامية والتأثيل في المعجم، وأدارها حسن حمزة. وشارك فيها رمزي بعلبكبي، رئيس المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي للعة العربية، بورقة بعنوان "النظائر الساميّة في معجم الدوحة التاريخي: أبعادها الدلالية من منظور العربية وتراثها المعجمي"، مستعرضًا ذلك من خلال الجذرين (د ب ر) و(ر ب ع) من حيث دلالة مشتقاتهما في المعاجم العربية، مقارنةً بدلالات مشتقاتهما في سائر الساميّات كما وردت في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، ومبيّنًا الحقول الدلالية المشترَكة بين الساميّات في هذين الجذرين، وما انفردت به العربية دون سائر أخواتها، وما لم يرد في العربية واحتفظت به إحدى أخواتها أو غير واحدة منها.
تلا ذلك مشاركة إبراهيم مراد، عضو المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية بورقة عنوانها "البعد الحضاري لمعجم الدوحة التاريخي من خلال ظاهرة الاقتراض المعجمي"، مشيرًا إلى أن المقترضات لها درجات في العُجْمَة، وأن أقواها عُجْمَةً المقترضات اليونانية واللاتينية، ومتطرقًا بشكل خاص إلى المقترضات الحضارية من اللغة اليونانية المتعلقة بأسماء الأشياء، مثل أسماء المواليد الطبيعية، وخاصة النبات والحيوان، وأسماء بعض المظاهر الحضارية الأخرى؛ وهي مقترضات تظهر علاقة البيئة الحضارية العربية في ظلّ الدولة الإسلامية، بالحضارة الرومانية في ظلّ الإمبراطورية البيزنطية.
وقدّم بعدها محمد العبيدي، نائب المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، ورقته المعنونة بـ "معجم الدوحة التاريخي والتواصل الحضاري: تأثيل الألفاظ الأعجمية أنموذجًا"، سلط فيها الضوء على دور معجم الدوحة في رصد ملامح التواصل الحضاري والثقافي الذي شهدته اللغة العربية في رحلتها عبر العصور، مبيّنًا أنها من أطول اللغات عمرًا، وأنها مرّت بتطوّرات تاريخية وثقافية وحضارية، وتوسّعت مجالات استعمالها في الحقول العلمية والمعرفية المتجدّدة، واحتكّت بغيرها من اللغات، كالفارسية واليونانية واللاتينية والتركية والهندية والقبطية؛ فأثّرت فيها، وتأثّرت بها. وترتّب على ما سبق ظهورُ ألفاظٍ ومعانٍ ومصطلحات جديدة، واقتراض ألفاظٍ أعجمية، وازدهار حركة الترجمة والتعريب التي أفرزت كثيرًا من ألفاظ الحضارة والعلوم. وقد عنيت الورقة بعرض نماذج من الألفاظ المعرّبة في معجم الدوحة، بما يعكس أبعاده الحضارية.
واختتم هذه الجلسة الباحث من إيران ميلاد العابدي بورقة مشتركة مع الباحث الغربي يوهانيس طومان بعنوان "نشأة المصطلحات العلمية في اللغة العربية: المقترض والترجمة الاقتراضية في العصر العباسي"، ناقشت حالات من الاقتراض من السنسكريتية والفارسية الوسطى، تضمنت بعض الكلمات الأجنبية (السهلة التتبع)، وأخرى مترجمة حرفيًا، وحالة واحدة من التأثيل الشعبي (أو إعادة التفسير الاشتقاقي)، وحالات لكلمات ما زالت مستعملة حتى اللحظة.
المعجم والدلالة: بحوث مقارنة في نسقية المعنى في المعجم التاريخي
بعنوان المعجم والدلالة، وبرئاسة عبد القادر الفاسي الفهري، عضو المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، استهل الجلسة الثالثة رياض قاسم، أستاذ اللغويات في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية، بورقة بعنوان "المعجم العربي بين مدوّنتين: بحث مقارن بين المدوّنة اللغوية التراثية، ومدوّنة معجم الدوحة التاريخي"، قارن فيها بين المدوّنتين من حيث التشابه والتمايز فيما يتعلق بالألفاظ العربية وبعض ألفاظ الدخيل، حيث دوّنت في المدوّنة المعجمية التاريخية في العقد الثاني للقرن الثاني الهجري مستندة إلى "السماع" و"الرواية"، ومتأثرة، من حيث المنهج بأصول "الحديث"، ولا سيما العناية بـ "الإسناد"، ثم تقيّد مسارها الزمني بنهاية القرن الرابع الهجري، أو ما يعرف بـ "عصر الاحتجاج اللغوي"، في حين تتضمن مدونة معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، التي ظهرت في عام 2018، مجموعة ضخمة من المداخل المعجمية التي تسجّل تواريخ ألفاظ العربية بدلالاتها الأولى، وتاريخ تحوّلاتها البنيوية والدلالية، إضافة إلى تحديد مستعمليها، وتعزيز ذلك بالشواهد الموثّقة. وتطرقت الورقة أيضًا إلى تأثيل الألفاظ المعرّبة، وألفاظ المادة الواردة في نقوش العربية القديمة، وتعيين نظائر الجذر في اللغات الساميّة المختلفة. وقارنت بين المدوّنتين من حيث مسألة التعريف، وتوثيق الشاهد، وتناولت أخيرًا مشروع معجم الدوحة من حيث الرؤى والآفاق البحثية.
المعجم والقضايا اللسانية: أهمية معجم الدوحة التاريخي للغة العربية في التحليل الصرفي والنحت والقياس
وختامًا لليوم الأول، عُقدت الجلسة الرابعة بعنوان المعجم والقضايا اللسانية، بإدارة حيدر سعيد، رئيس قسم الأبحاث قي المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، شارك فيها حسين الزراعي، الخبير المشارك في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، بورقة بعنوان "من بناء الكلمة إلى بناء المعجم"، ركّز فيها على تدعيم فرضية أن الكلمات موضوع للمعجم، وليست موضوعًا للصرف أو التركيب وحدهما. وسعى، انطلاقًا من مقاربات لسانية من جهة، ومن الوقائع التجريبية للغة العربية، الممثَّل لها بمداخل معجمية في المواد المحررة في معجم الدوحة التاريخي من جهة أخرى، إلى تقديم رؤية تتلخص في أن بناء المعجم يبدأ من فهم طبيعة المداخل المعجمية، ومن طبيعة الجذور الثلاثية وتطورها الصوتي والصرفي والدلالي داخل النظام السامي، وإمكانات كل لفظ وكل طبقة جذور (من المعلومات الهائلة التي يجب أن تكون حاضرة في ذهن المشتغل سلفًا) ومكوناتها الصرفية والسماتية.
تلتها مشاركة لمحمد محمد يونس علي، الأستاذ المشارك في برنامج اللسانيات والمعجمية العربية في معهد الدوحة للدراسات العليا، بورقة بعنوان "وحدات التحليل الصرفي والمعجمي بين التحليل القواعدي والتحليل الحاسوبي مع تطبيقات على معجم الدوحة"، تناول فيها ما قد يواجه الباحث في وحدات التحليل الصرفي والمعجمي للعربية من اضطراب كبير وخلط في مفاهيمها وتطبيقاتها، وما لهذا الاضطراب والخلط من تأثير في نتائج التحليل وتطبيقاتها. وبيّن الفرق الجوهري بين التحليل الصرفي والمعجمي لسانيًا، وناقش حزمة من المصطلحات الاصطلاحية المرتبطة بتحليل الكلمة على المستويين الصرفي والمعجمي، مبتدئًا بمناقشة مفاهيمها وتعريفاتها التي لا تخلو معالجتها من اضطراب كبير بين الباحثين في تحليل العربية لسانيًا، ثم قارنها بمفاهيمها وتعريفاتها في الحوسبة، موضحًا ما يترتب عمليًا على هذا الاختلاف، راميًا إلى بلوغ تعريفات دقيقة، على المستوى اللساني، لحزمة اصطلاحية تشمل الكلمة Word، ومباني الكلمة Word Forms، والصيغة، والوزن، وتنوعات المُصرّف Allomorphs، واللاصقة Affix، والضميمة Clitic، والجذر Root، والجذع Stem، والعَجَمة Lexeme، واللِّمة Lemma، والمدخل المعجمي Lexical Entry، والمُصرِّف Morpheme، والحزمة الصرفية Morphological Paradigm، والحزمة الاشتقاقية Derivational Paradigm، والحزمة التصريفية Inflectional Paradigm، والحزمة الكتابية Orthographic Paradigm.
أما محمد كمال بلخوان، أستاذ اللسانيات العامة بالمدرسة العليا للأساتذة بالمغرب، فشارك بورقة بعنوان "النحت بين القياس والسماع في ضوء معجم الدوحة التاريخي"، حاول فيها مساءلة ظاهرة النحت مساءلةً تختلف عما سبق، من خلال اتخاذ مادة معجم الدوحة نقطة ارتكازٍ للفصل في قضية النحت بين القياس والسماع يقوم في جوهره حول زمن الوضع، أي: متى التقت الكلمتان وصيغت الكلمة المنحوتة، وانطلاقًا من تتبّع مختلف المعاني عبر السلّم الزمني لكلتيهما. كما وقف في ورقته عند المعنى المقصود في النحت الذي أشار إليه ابن فارس من دون غيره من المعاني القائمة في اللفظ نفسه.
كانت المشاركة الأخيرة في اليوم الأول لمحمد إسماعيلي علوي، أستاذ اللسانيات التطبيقية في جامعة السطان مولاي سليمان بالمغرب، بورقة بعنوان "أهمية معجم الدوحة التاريخي في بناء إطار مرجعي دولي مشترك لتعليم اللغة العربية للناطقين بها وبغيرها"، بيّن فيها أهمية ربط معجم الدوحة التاريخي للغة العربية بمشروع حضاري ملحّ وعاجل يتعلق ببناء إطار عربي مشترك لقياس الكفاءة اللغوية لمتعلمي اللغة العربية، من الناطقين بها وبغيرها، على غرار الإطار الأميركي ACTFL، والإطار الأوروبي المرجعي المشترك للغات CEFR، خاصة أن "المعجم" هو المدخل الأساس والأرضية التي تُبنى عليها مثل هذه الأطر المرجعية. وركّز على بيان أهمية معجم الدوحة في تحديد المستويات الممكنة والمعايير العلمية والوظائف اللغوية والتربوية لهذا الإطار العربي.
وقد تخللت الجلسات مداخلات ومناقشات وأسئلة من الحضور والمتابعين أجاب عنها المشاركون، وقدّموا إيضاحات وإضاءات. وتابع البثّ المباشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتفاعل معه عددٌ كبير من متابعي صفحات معجم الدوحة التاريخي والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.