الجدوى من إنجاز المعجم التّاريخي للّغة العربيّة
تتعدّد أوجه الجدوى من إنجاز المعجم التّاريخي للّغة العربيّة، ومنها:
أ- تمكين الأمّة من فهم لغتها في تطوّراتها الدّلاليّة على مدى أكثر من ثمانية عشر قرنًا على الأقلّ. وبذلك يتيسّر تحصيل الفهم الصّحيح لتراثها الفكريّ والعلميّ والحضاريّ؛ بإدراك دلالة كلّ لفظٍ بحسب سياقه التّاريخي. ويتحقّق وصل حاضرها بماضيها في المستويات اللّغوية والفكريّة والعلميّة.
ب- توفير عددٍ من المعاجم الفرعيّة التي تفتقر إليها المكتبة العربيّة؛ كمعجمٍ شاملٍ لألفاظ الحضارة (الصِّناعات والحرف والعمارة...)، ومعاجم مصطلحات العلوم (المعجم التّاريخي للمصطلحات الطبيّة، والفيزيائيّة، والفلكيّة، والرياضيّة، والجغرافيّة، والفلسفيّة، والشرعيّة، والنحويّة، والبلاغيّة...)، ومعجمٍ شاملٍ للّغة العربيّة المعاصرة، والمعاجم اللّغوية التعليميّة... وغيرها.
ج- تمكين الباحثين من:
- إعداد دراساتٍ وأبحاثٍ متعلِّقةٍ بتقييم تراثنا الفكريّ والعلميّ، في ضوء ما يتيحه المعجم التّاريخيّ من معطياتٍ جديدةٍ.
- استثمار البرامج الحاسوبيّة الخادمة للمشروع؛ كالمفهرس الآلي، والمحلِّل الصّرفي، والمحلّل الدّلالي، والمحلّل النّحوي، والمُشَكّل الآلي... وغيرها، في تطوير المعالجة الآليّة للّغة العربيّة.
مبادئ مُوَجِّهة للمشروع
يدرك القائمون على مشروع المعجم التّاريخي للّغة العربيّة بوعيٍ وبصيرةٍ العقبات التي تواجههم في إنجازه. وقد وضعوا جملة مبادئ توجِّه عملهم، ومنها:
- إنّ التأخّر الكبير في إنجاز معجمٍ تاريخيٍّ للّغة العربيّة، يجب ألّا يكون مسوِّغًا لإنجاز معجمٍ دون مستوى المعاجم التّاريخيّة للّغات العالميّة تحت وطأة هذا التأخّر. والعجَلَة مضرّةٌ بالمشروع، خاصّةً عند وضع خطّة إنجازه وما يتعلّق بها من تفاصيلَ.
- إنّ إمعان النّظر في المعاجم التّاريخيّة للّغات العالميّة، يدلّ دلالةً واضحةً على تعدّد الأساليب والاختيارات المنهجيّة في إعدادها. ومعنى ذلك أنّ الانحياز إلى اختيارٍ منهجيٍّ ما، ليس حكمًا على عدم صلاحيّة الاختيارات الأخرى.
- إنّ الانحياز إلى أحد الاختيارات المنهجيّة، يجب أن يكون مدعومًا بجدوى هذا الاختيار، وبمدى تحقيقه أهداف المعجم التّاريخي للّغة العربيّة فقط، دون أيّ اعتباراتٍ أخرى. والمقصود بالجدوى، إنجاز المعجم بالصِّفات المثلى للمعاجم التّاريخيّة، وبأنسب ما يُبذل من مجهودٍ ووقتٍ ومالٍ.
- إنّ اعتماد اختيارٍ منهجيٍّ ما في إنجاز المعجم التّاريخي للّغة العربيّة، لا يصادِر حقّ أيّ جهةٍ كانت في إنجاز معجمٍ تاريخيٍّ آخر للّغة العربيّة وفق اختيارٍ منهجيٍّ آخر، مثلما حدث في بعض اللّغات العالميّة؛ كالفرنسيّة، والألمانيّة، والرّوسية... وغيرها. بل إنّ هذا التعدّد مفيدٌ للّغة العربيّة عامّةً، وللمعجم العربيّ خاصّةً.
- إنّ مشروع المعجم التّاريخي للّغة العربيّة، هو مشروع كلّ الأمّة، وهو منفتحٌ على كلّ طاقاتها البشريّة وإمكاناتها العلميّة.